لم أتخيل في حياتي كلها أنه سيأتي يوم ألتقي فيه بزملاء من أركان المعمورة الأربعة؛ زملاء لهم اهتمامات واهتمامات متشابهة تتعلق بتغطية أمور الدين

اعتدت أن أرى العديد من الزملاء، هنا في الجزائر وفي أماكن أخرى، يجتمعون حول موضوع معين يتخصصون فيه. لقد التقيت بصحفيين متخصصين في تغطية الشؤون الاقتصادية يجتمعون هنا وهناك ليدعموا بعضهم البعض، وليتعلموا من بعضهم البعض ويناقشوا الأحداث الجديدة في مجال الاقتصاد والأعمال.

كما رأيت زملاء آخرين متخصصين في تغطية الأمور المتعلقة بالصحة والمستشفيات وآخر الاكتشافات والاختراعات الطبية المتعلقة بالعلاجات والأدوية التي تساعد على تهدئة آلام الناس وشفاء أمراضهم. لقد رأيت هؤلاء الصحفيين يعقدون منتديات وندوات لمناقشة الطرق المثلى لتغطية إنجاز طبي ما دون إعطاء آمال كاذبة للناس الذين يعانون، أو يجتمعون لمناقشة الطرق المناسبة لتغطية انتشار وباء ما في منطقة معينة دون نشر الذعر بين الناس دون داعٍ

كنت أتساءل في نفسي لماذا لا تستحق الأمور المتعلقة بالدين مثل هذه التجمعات، وتستحق منظمة أو رابطة يلتقي فيها الصحفيون والمراسلون المتخصصون في تغطية الأمور الدينية ليتناقشوا ويبحثوا في همومهم، وليتعلموا من بعضهم البعض من خلال تبادل أفكارهم وآرائهم المتنوعة الثرية فيما يتعلق بهذا النشاط الإنساني المهم جداً وهو الدين. أليس من واجبنا ومن حقنا أن نعمل معًا من أجل بناء شبكة دولية لدعم بعضنا البعض أثناء قيامنا بعملنا اليومي؟

إن نظرة سريعة على ما يحدث في العالم من صراعات وأعمال عنف ستدفعنا إلى وضع أيدينا بأيدي بعضنا البعض من أجل العمل على تحسين تغطيتنا للأمور الدينية، وجعل هذه التغطية أكثر مهنية وأخلاقية.

وعندما ننظر إلى التفجيرات المتكررة التي تحدث في نيجيريا تحت اسم الدين، وعندما ننظر إلى ما يجري في العراق من قتل بين السنة والشيعة، وعندما نبحث بعمق في الأحداث التي تحدث بين إخواننا المصريين مسلمين ومسيحيين، وعندما نتذكر العنف الذي تعرض له الكاثوليك والبروتستانت في أيرلندا، وعندما نتذكر القتل الديني والعرقي المروع والعنيف الذي حدث في البوسنة والهرسك خلال العقد الأخير من القرن الماضي، كل هذا يضع أمامنا مسؤولية مهنية ضخمة.

وتكبر هذه المسؤولية أكثر عندما نتذكر أن الإعلام بمختلف وسائله وأنواعه قد لعب، بوعي أو بدون وعي، دوراً واضحاً في تفاقم هذه الصراعات والاقتتال الديني، بل يمكننا القول في بعض الحالات أن بعض الصراعات قد خلقت وبدأت بتقرير غير أخلاقي في المقام الأول، وهذا لسبب بسيط هو أن الصحفي الذي يقف وراء التقرير لم يتبع التوجيه الأخلاقي أو أنه غير مؤهل من الناحية المعرفية لتغطية الأمور المتعلقة بالدين؛ لأن الدين ليس موضوعاً بسيطاً يمكن تغطيته. علينا أن نعترف أن الدين لسبب ما هو موضوع خاص جداً يجب معالجته، قد يكون ذلك لأن الدين مرتبط بأقوى المعتقدات في الإنسان، والتي تكون قد نمت مع الإنسان منذ صغره، وقد يكون ذلك لأسباب أخرى، وما يعنينا الآن هو أن الأمور الدينية لها خصوصيات واضحة.

تم إنشاء الرابطة الدولية للصحفيين الدينيين لتكون مكانًا يلتقي فيه هؤلاء الصحفيون ليتعلموا من بعضهم البعض ويدعموا بعضهم البعض ويحسنوا من قدراتهم المهنية.

ستعمل الجمعية على دعم هؤلاء الصحفيين. وتشمل هذه المساعدة إتاحة البيانات والمعلومات حول الموضوع لهم أثناء عملهم على تقاريرهم، كما أنها تساعدهم على بناء علاقة مهنية بناءة وفعالة للغاية، مما يحسن بالتأكيد من جودة تقاريرنا، لأننا نحتاج دائمًا إلى سياق مفصل جدًا للحدث، ولا يمكن لأحد أن يزودك بهذه التفاصيل بالطريقة التي يستطيع الزملاء الذين يعيشون في المنطقة أن يزودك بها.

ستكون هذه الجمعية مكاناً يمكن أن تنضج فيه مشاريع التقارير والأعمال المشتركة بشكل صحيح وفي جو مهني، مثل هذه التقارير المشتركة التي نشجع الصحفيين دائماً على العمل عليها. ستكون هذه الرابطة أيضاً مكاناً يتم فيه التعبير عن مشاكلنا وهمومنا لنساعد بعضنا البعض على إيجاد حلول لها. كما ستكون أيضاً، وهذا من خلال موقعها على شبكة الإنترنت، مساحة يمكننا من خلالها تبادل الأفكار ووجهات النظر حول القضايا الخلافية، وسنفعل ذلك بطريقة منفتحة وباحترام متبادل.

سيكون لرابطتنا أدوار أخرى سنكتشفها، بدءًا من الدورات التدريبية عبر الإنترنت إلى كونها مكانًا يرفع ويحتفي بأفضل التقارير الدولية عن الدين.

إنها جمعية أنشأها الجميع وهي جمعية ستكون في خدمة الجميع.